شهد امس اول تصويت حر في تاريخ مصر، لأول مره ذهب الشعب إلي صناديق الإقتراع ليعلن عن رأيه، و من ظاهر الأمر أن رأيه مخالف لما يعتقد المثقفين و السياسين و الثوار انه الأفضل لمصلحة مصر ويتناسب تماما مع تطلعات ما تبقي من الحزب الوطني و الإخوان المسلمين الذين سيحصلون الأن علي فرصه ذهبيه للحصول علي أغلبيه في المجالس النيابيه لا تماثل شعبيتهم في الشارع، لكن سيحصلون عليها لمجرد ان الأن الإنتخابات ستجري قبل تكوين او استعداد اي حزب جديد للمنافسه، بغض النظر عن تعديل الدستور اعتقد النتيجه الأهم التي تم التوصل إليها ان الديمقراطيه تعني اتخاذ الشعب قرارات ستؤثر فيك بغض النظر عن إراداتك ومهما كانت تبدو صحيحه لك فإن إرادة هذا الشعب ستفضل علي رؤيتك التي قد تكون صائبه، هذا الشعب لا يقطن أغلبه بالقاهرة و الإسكندريه بل بالقري و النجوع، هذا الشعب يعيش حياة مختلفه تماما عني و عنك. هذا الشعب يحصل علي معلوماته من مصدرين جهاز الإعلام الحكومي و الجامع (او الكنيسه)، أغلب هذا الشعب تعلم في المدارس الحكوميه و لا يقرء. عادةً ما تهتم الحكومات بإعداد الشعب لإتخاذ قراراته لنفسه كي يصبح مستعدا لتحمل مسؤلية الديمقراطيه لكن خلال الثلاثون عام الماضيين و لأننا كنا نعد لنحكم علي طريقة الدكتاتور العادل (حسب تعريفه لنفسه) تم غسيل أدمغة هؤلاء الناس و مسح قدرتهم علي إتخاذ قرارتهم لإنفسهم خلال تعليم و إعلام و خطاب ديني يلغي التفكير الحر و ينمي التلقين و إتباع ما تسمع بغير تحكيم للعقل، كنتيجه لذلك من يملك الإعلام في مصر يملك قرار الشعب.
في أغسطس من عام 1999 قام النظام بإختبار قدرته علي التأثير علي عقلية الجماهير، فقبيل حدوث كسوف شمسي في مصر قام الإعلام بتعبئة الناس بالذعر إتجاه الكسوف الشمسي فأخذت الصحف و البرامج الإخباريه تتحدث عن خطورة الكسوف انطلق الشيوخ يدعون إلي صلاة الكسوف و يبرروا فرضها ان خلال الصلاه ينظر المصلي إلي الأرض مما يحفظه من خطورة الإشعاع أستجاب الشعب بصورة قياسيه علي مختلف طبقاته، كنت وقتها في مارينا و حينها قامت القريه بجعل سياره تحمل مكبرات صول تجوب القريه و هي تذيع تحذير و اعلان أن القريه غير مسؤله عن من سينظر إلي الشمس، و خوت الشوارع تماما وقتها. و بينما كان العالم كله يشاهد الكسوف الشمسي الذي لن يتكرر في حياتنا ثانية تحولت أغلب مدن مصر إلي مدن أشباح اختبئ شعبها كله خوفاً من الإشعاع! شخصيا اعتقد ان هذا الإختبار كان ناجح لإبعد المقاييس فقد اثبت للنظام قدرته علي التأثير علي الشعب و جعله يفعل ما يريد تماما.
أعتقد ان طريقنا الوحيد لديمقراطيه واعية هو التوعيه، توعية الشعب بطريقة الإختيار، مبدائيا عكس كل ما تعلم في المدرسه و الجامع و الإعلام الحكومه، إقناع المواطن الطبيعي في القريه المصريه الطبيعيه ان لديه عقل يمكن ان يستخدمه للتحكيم و أختيار الأفضل له، إقناعه ان رجل الدين ليس علي صواب لمجرد انه يقود الصلاه، و ليس لها ان يؤثر علي إختيارته، للأسف لا اعتقد انه من الممكن حدوث ذلك قبل الإنتخابات القادمه، سينتخب الشعب من يختار الإعلام الحكومي و المساجد (إخوانيه، حكوميه، سلفيه) لهم.
No comments:
Post a Comment