يحذر الكثيرون هذه الايام من انهيار الدولة، من تحطم أجهزتها و عجزها عن تقديم الخدمات التي تقيمها. ما لا يلحظونه هو ان سبب ما حدث هو انهيار الدولة. فالنظام كان مصمم لقمع الناس و كان ناجح في ذلك لمدة ٣٠ سنة حتي طاله الفساد الذي كان يقوم عليه، القمع عملية منظمة تضمن عدة جهات و تحتاج نوع من التفاني و الإبداع كي تستطيع مراقبة و التحكم في شعب دولة بأسرها، في رأيي نجاح ثورة ٢٥ يناير لم يكن بسبب ان جيلنا افضل مما سبقة بل بسبب نظام افسد حتي فسد فعجز حتي عن حماية نفسه. فخلال العقد الاخير ازداد الفساد و اصبح كل من يعين في تلك المناصب السيادية يختار علي اساس الثقة، الثقة بين اللصوص، و كنتيجة لم يمتلكوا المهارات اللازمة لمواصلة سيطرتهم علي الشعب. الفساد غدار وفعلا تحول من حليف لهم لعدو.
كنت قد كتبت منذ حوالي ثلاث اعوام ان اتجاه الناس لسكن الكمباوندز هو علامة علي انهيار الدولة فيستعيض السكان بخدمات تقدمها شركات خاصة بدل من الخدمات الحكومية. و هي نتيجة طبيعية لعجز الدولة علي تقديم الخدمات الاساسية. فخلال العقد الاخير تحول نشاط الحكومة من خدمة المواطنين الي توليد المال لحفنة من الناس، فالحكومة اختارت ان لا تهتم بخدمة المواطنين و كل من يملك قراره في الحكومة تم اختياره علي هذا الأساس؛ لذلك آري ان الحكومة لا يمكن إصلاحها، لان إصلاح الشيء يفترض انه في وقت ما كان يؤدي عمله، و هذا ليس الواقع هنا. الحل الوحيد هو تفكيك النظام و اعادة بنائه مستخدما اصغر وحداتة. فهؤلاء الناس عملوا بحكومة هدفها القمع و استنزاف موارد الدولة اي انهم من المفسدين...بل فشلوا حتي في افسادهم، فانا لا اتصور كيف لاحد عاقل ان يتصور ان المفسدين القشلة يمكنهم إدارة دولة حديثة و النهوض بها. الأسوأ ان نظام التعليم الحكومي نفسه مصمم لانتاج المزيد منهم. فيتعلم الطلبة ان الغش في الامتحان شيء طبيعي و ان الواسطة هي سبيل التعين الامثل مع تفريغ مادة الدين من مضمونها. الطريق طويل ولن يستطيع ان بقطعة غير من يستحق.
No comments:
Post a Comment