في بلد العميان يصبح اﻷعور ملكا
في قصته القصيرة بلد العميان، حكي ويلز عن مستكشف الجبال نيونيز، في خلال رحلته خلال الجبال في اﻷيكوادور سقط في وادي عميق، في هذا الوادي كانت هناك تلك القرية المعزولة عن العالم، خلال عدة قرون فقد سكان هذه القرية بصرهم، تدريجيا و بطريقه لم تسمح لهم بملاحظة انهم فقدوا حاسة من حواسهم، خلال القرون اعادوا تصميم عالمهم ليسمح لهم بالحياة بغير هذه الحاسه. عند وصول نيونيز للمدينه تصور انه سينقذهم عندما يخبرهم عن الحاسه التي يفتقدونها، حاسة البصر، أمضي اغلب الروايه يحاول ان يقنعهم بها و يفشل فشل ذريعا في هذا، ببساطه لم يعرفوا ما كانوا يفتقدون، و لم يحتاجوه علي اية حال. بل اعتربوه مخبول، مجنون بفكرة خياليه جنونيه و هي البصر. جنون كان واجبا عليهم ان يعالجوه منه، و العلاج هو إزالة تلك الكرات الموجوده في رأسه (عيناه). في النهاية هرب نيونيز من القرية، مدركا عدم صحة مقولة "في بلد العميان يصبح اﻷعور ملكا".
لسبب ما تذكرت هذه القصه وانا اراجع الشهور الماضيه في تاريخ مصر، بطريقة ما البرادعي يذكرني بنيونيز. فقد قدم الي مصر مبشرا بشيء من اساسيات الحياه، شيئ كنا نفتقد، الا و هو الحرية. كان معتقدا ان الناس تطمح فيه، و سيفعلون اي شيء ليحصلوا عليه، فهو بعد كل شيء من اساسيات الحياه، لكن ما لم يدركه هو ان بعض الناس عاشوا لوقت طويل جدا ممنعون من الحريه، حتي لم يعدوا يتفقدونها او يفهموها، بل هم يهابوها اﻷن كأي شيء غريب علي مجتمعهم، و قد يحاربوا اي شخص يحاول ان يبشر بها كي يحافظوا علي حياتهم كما هي.
أهم قدره لدي الإنسان هي التأقلم، فنحن نستطيع ان نتكيف مع اي وضع، و بمجرد تكيفنا نبدأ في تصور العالم في ظل هذا التكيف، فالديكتاتور اصبح المستبد العادل، السرقة اصبحت شر لابد منه، وخصخصة الصناعات الرئيسية هي طريقنا لنصبح في مصاف دول العالم اﻷول بل و نبحث عن تبريرات لما يحدث كي تتناسب مع الصوره الموجوده عندنا، فالشرطه تتعامل بعنف مع الشعب ﻷن الشعب لا يمكن ان يعامل إلا بهذه الطريقه، اﻷنتخابات تزورها الحكومه كي تحمينا من التطرف. و الطبيعي لدي اﻷنسان كذلك انه بمجر التأقلم علي وضعا ما نقاوم التغير، و تزداد هذه المقاومه كل ما ازدادت الفتره تحت الوضع المتأقلم عليه. خلال الشهور السابقه تحدثت مع الكثير من الناس عن الثوره المصريه، و ما اكتشفت هو ان اغلب كبار السن الذين قضوا اغلب عمرهم في القهر لا يستوعبوا الثوار و لا يهتمون بها بل قد يحاربونها كذلك مستخدمين ذريعة الإستقرار.
بالمناسبة الإستقرار تعريفه هو بقاء الحال علي ما هو عليه، و الحال كان لا يمكن احتماله، فبمجرد قولهم نهم للإستقرار هم يرفضون اي تغير من اي نوع.
جميلة ومؤلمة يا بدر .. لكننا لن نستعمى ثانية بعد أن رأينا النور
ReplyDelete