شقه، سيارة و وظيفه تدفع ما يكفي للطعام و العلاج و تعليم طفلين او ثلاثه. لا اعتقد ان هناك من يتمني اكثر من هذا في مصر. الحلم المصري لا يوجد فيه ما يزيد عن اساسيات الحياة. و علي الرغم من ذلك إمتلاك تلك الأساسيات يقارب المستحيل للشاب المصري فبمستوي الدخل الحالي حتي من يحصل علي دخل مرتفع نسبيا لا يمكنه من تحقيق ايا من هذه الأحلام. فحتي براتب يقارب العشرة الاف جنيه امتلاك سياره متوسطه يساوي الراتب السنوي، امتلاك شقه متواضعه و تأثيثها يساوي راتب ثلاث او اربع سنين. طبعا ذلك الراتب الذي يقارب العشرة الاف لا يحصل عليه إلا نسبة لا تذكر من المصريين، اغلبهم طموحهم لا يتفق مع تلك السيارة المتوسطه و الشقه المتواضعه.
معظم شباب مصر، من اجتهد و تعلم منهم علي الأقل، يدور مرتبه في فلك الخمسة ألاف، اي خمسين الف في السنة لقاء حوالي احد عشر ساعه يوميا (ما بين عمل و إنتقال)، منها يعيش و منها يدخر ليستطيع ان يتزوج في مرحلة ما او اخري، طبعا مهمه مستحيله، حلها الوحيد السفر إلي دولة اخري للعمل فيها مقابل راتب اعلي و كرامه اقل (و طبعا خسران القدره علي التصويت، المزيد علي هذا لاحقا) او إيجاد مصادر دخل بديله، شريفه شبه شريفه او غير شريفه. و في كل الأحوال لا مهرب من الأعتماد علي الأهل لدفع جزء كبير من تكاليف الزواج. غالبا ما يمتلك الأهل ما يكفي لتزويج الأبناء علي الأقل هذا ما انطبق حتي جيل اهالينا لا اعتقد الن جيل ابنائنا سيحصل علي تلك الرفاهيه.
العالم الأمريكي ابراهم مازلو صنف الأحتياجات الأنسانيه مرتبه حسب اهميتها للفرد، فلا يهتم الأنسان بدرجه قبل إشباع الدرجه التي تسبقها، في رأيي معظم المصريين محصورين بين اول درجتين (مما يجعلهم درجه واحده اعلي من الدواب)، و سعيدين الحظ منهم حققوا الدرجة الثالثه. اما الدرجه الرابعه، الحاجه للتقدير (تقدير الذات، الثقه، الإنجازات، احترام الأخرين و الأحترام منهم) تستعصي علي السواد الأعظام من الناس و هذا ينعكس مباشرة علي سلوكهم و اخلاقياتهم. و بما ان اي دوله هي مجرد نتاج مجوعة افراد فهذا يعني ان مصر محصوره في الدرجتين الدنيتين من هرم الأحتياجات البشريه. اما عن احترام الأخرين و الأحترام منهم فهذا حلم بعيد المنال، ابقي أشتري شقه و اتجوز الأول و بعدين اتكلم. المشكله ان الوضع يزداد سوء، فالجيل الحالي من الشباب معتمد تماما علي جيل الأهالي الذين بطريقة ما كان لديهم ما يكفي لهم و لأولادهم، اما جيلنا فلا يوجد لديه ما يكفيه، اخشي اليوم الذي يأتي فيه ابني لي طالبا تعليما مساوي لما قدمه اهلي لي، او شقه ليتزوج فيها، او سياره، لأنني اعلم انني لن استطيع ان اقدم هذا له، لاحظ انني استخدم الصيغه الفرديه حتي في ذلك السيناريو الخيالي، فلا يمكنني حتي التخيل انني سيكون لدي ابنين لأعولهم!